كتب الشيخ / لفتة عبد النبي الخزرجي /بابل / العراق عند الإمعان في تاريخ الخط العربي ، وزمان تطوره ورسوخ قدمه في الكتابة والتعبير ، ومدى تفاعل هذا الخط مع الحاجات الأساسية للمجتمع العربي في البادية أو في المدينة الحضرية . فلابد أن ندقق كثيراً في تاريخ هذا الخط ومستويات تطوره ونضوجه وصيرورته خطا يمتلك كل المقومات في التعبير عن أصالة اللغة العربية ، وهي اللغة السامية واسعة الإنتشار في مناطق عرفت بها ، وعرف أهلها صيغة التفاعل مع مفردات هذه اللغة التي تعود في بداياتها إلى لغة النبط القديمة . والخط العربي ، هو نتاج معرفي وتطور فني يدلل على قدرة الخط العربي على المطاوعة في أن يكون علما بحد ذاته ، له أصوله المدرسية والمنهجية والتربوية . يقول الأستاذ حنا فاخوري : ( لم توضع الحروف وضعا ، ولكنها تولدت بتنوع الحرف النبطي الذي كان شائعا في جزيرة العرب قبل الإسلام ، فتكون الحلقات في سلسلة الخط العربي ثلاثا : أولاها : الخط المصري القديم بأنواعه الثلاثة “الهيروغليفي ، والهيروطيقي ، والديموطيقي .” ثانيها : الخط الفينيقي . ثالثها : الخط المسند . )1 ثم أن الأستاذ الفاخوري يضعنا في تصانيف الخط المسند وأنواعه البارزة والمعروفة وهي : 1 – الخط ألصفوي : نسبة إلى جبل صفا في غرب دمشق . 2 – الخط الثمودي : نسبة إلى قوم ثمود وهم سكان مدائن صالح . 3 – الخط اللحياني : نسبة إلى بني لحيان من قبائل العرب العدنانية . 4 – الخط السبئي “الحميري ” وهو نسبة إلى حمير . وحمير قبائل يمانية كهلا نية قحطا نية . حيث أن حمير بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان . والخط المسند له تفرعات كثيرة ، منها :” الخط الكندي – النبطي ، والخط الانباري او الحميري ، والخط الكوفي والحجازي .” وتعود الكتابة بالخط العربي المعروف ، إلى القرن الثالث الميلادي . وقد عثرت البعثات الأثرية على لوحين نقشت عليهما أحرف باللغة العربية ، أولاهما وجد في خرائب زيد ” وزيد منطقة بين الفرات وقنسرين شرق حلب ” ، وثانيهما في حران اللجا ” وهي منطقة شمال جبل الدروز .” إن النقشين أعلاه يشيران إلى أن اللغات السريانية واليونانية والعربية ، وهي لغات يتداولها المسيحيون في هذه المناطق ،هي ما كتبت به تلك النقوش والتي حملت تاريخ (512 – 513 م) الا ان تلك النقوش لم تكن منقطة ، مما يدلل على انها ، فعلا هي الحروف العربية القديمة . وهذا بطبيعة الحال يدحض الآراء التي تذهب الى ان عرب الجاهلية كانوا لا يكتبون اشعارهم بالعربية او لا يعرفون الكتابة والخط العربي . وفي الوقت نفسه فهذا دليل واضح على ان عرب الجاهلية كانوا على دراية بلغتهم ومعرفة تفصيلية بالحرف العربي وهو “من اقوى الادلة على رقي العقل الجاهلي وتقدمه في مضمار الحضارة ” 2 1 ، 2 / الجامع في تاريخ العرب القديم : حنا فاخوري .